حسب متابعات فنون24 ألقى مسلسل “ولاد الشمس” الذي عُرض في شهر رمضان الضوء على قضايا متنوعة تتعلق بأطفال الملاجئ ودور الرعاية في مراحل حياتهم المختلفة. ومن بين هذه القضايا، لفت المسلسل الانتباه إلى ظاهرة قيام بعض الأسر بإعادة الأطفال الذين تبنتهم إلى دور الرعاية بعد إنجابهم أطفالًا بيولوجيين. وقد استدعى هذا الأمر تحركًا عاجلًا من الحكومة المصرية.
وعليه، قررت وزارة التضامن الاجتماعي، من خلال اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة، فرض غرامة مالية قدرها 20 ألف جنيه على أي أسرة تتخذ قرار إعادة الطفل المكفول إلى دار الرعاية بعد إتمام عملية التبني.
وفي هذا الصدد، توضح أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أمل شمس أن الطفل المكفول يرى في الأسرة التي تكفله مصدرا للأمان النفسي والمادي والاجتماعي الذي كان يفتقده ونافذة على العالم الذي كان يحلم باستكشافه والحياة التي كان يحلم بها، بعد أن كان يتعرض للعنف والإيذاء والحرمان وغيرها من السلبيات التي يعانيها معظم الأيتام بدور الرعاية.
وتضيف شمس في حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية” أن أي أسرة في بداية تبنيها أو كفالتها لطفل ترى فيه مصدرا للبهجة والسعادة وإشباعا لحاجتها للأبوة أو الأمومة فتترجم هذه المشاعر إلى اهتمام واحتفاء بالطفل، لكن مع مرور الوقت وفي حالة إنجاب الأسرة لطفل فغالبا ما تتحول المشاعر الإيجابية والدافئة تجاه الطفل المكفول إلى نفور فتنظر إليه إلى أنه يمثل عبئا ماديا وأنها لم تعد تحتاج إليه فترغب في التخلص منه، وهنا يكون الطفل هو الضحية حيث يتعرض لصدمات نفسية ويشعر بالضياع والنبذ غير المبرر ويجد نفسه مشردا مرة أخرى حينما تتخلى عنه الأسرة التي كانت تعامله كابن لها وتشبع حاجته للانتماء والاحتواء العاطفي والمادي والاجتماعي.
وتابعت: “تعرض الطفل لمثل هذه الصدمة يفقده الشعور بالأمان ويؤدي أيضا إلى إصابته بمشكلات نفسية وعاطفية وسلوكية فيصبح ناقما على المجتمع ويفقد كل مشاعر الانتماء لمن حوله وللوطن.” وأشارت إلى أن لجوء وزارة التضامن الاجتماعي إلى فرض غرامات على الأسر التي تعيد الأطفال بعد كفالتهم لدور الرعاية، قد يبدو للوهلة الأولى أنها فكرة جيدة للحد من هذه المشكلة، لكنها ليست حلا فعليا أو جذريا ومناسبا، لأنها قد تؤدي إلى عزوف الكثيرين عن كفالة الأطفال تخوفا من عدم قدرتهم على الاستمرار في كفالتهم والاضطرار لدفع الغرامة، خصوصا وأن بعض الأسر قد تتعرض لأسباب قهرية تضطرها لإعادة الطفل لدار الرعاية حينما تتعرض لأزمة مادية على سبيل المثال، أو حينما تنجب الأسرة بنات ويكون الطفل المكفول ولد فتخشى تعرض بناتها للتحرش في مرحلة المراهقة، وهنا فإن فرض غرامات على هذه الأسر قد يأتي بنتائج عكسية أو سلبية حيث يدفع بعض الأسر معدومي الضمير إلى إساءة معاملة الطفل المكفول أو ارتكاب الجرائم للتخلص منه وإجباره على الرحيل بطريقة غير مباشرة.
وترى شمس أن الحل المنطقي الذي قد يناسب الطرفين هو أن يكون هناك جسر وتواصل مستمر بين الأسرة ودور الرعاية وأن تصطحب الأسرة بشكل دوري الطفل المكفول منذ اللحظة الأولى لكفالته ليزور دار الرعاية وتوعيه بأن هذه الدار هي بيته الآخر ومكانه الذي نشأ فيه، تحسبا للاضطرار لإعادته للدار تحت أي ظروف مستجدة، خاصة وأن هناك بعض الظروف التي تكون خارجة عن الإرادة كما هو الحال عند وفاة الأب والأم البديلين وغيره، وهنا يكون الطفل مؤهلا نفسيا لتقبل فكرة العودة للدار.